خلق الله تعالى الإنسان بأحسن صورةٍ وكرّمه ووهبه العقل للتمييز بين الخير والشر وبين الخطأ والصواب، فقد قال تعالى: (وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ وَحَمَلناهُم فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلناهُم عَلى كَثيرٍ مِمَّن خَلَقنا تَفضيلًا) [الإسراء:70]، كما وهبه الله تعالى الكيان المستقل والرأي الحر والحرية في حياته بما يسمى بـالحرية الشخصية، فالحرية الشخصية عبارة القدرة على التعبير عن الرأي ووجهات النظرالفردية والآراء الشخصية واتخاذ القرارات الفردية، واختيار أماكن العيش والعمل وامتلاك حق تملك الأراضي والعقارات والمركبات، وحق الكرامة، وحق التواصل والاتصال مع الآخرين، وحق اختيار الحاكم وممثلين للدولة، وحق البيع والشراء والسفر والتنقل من مكان لآخر، وحق الزواج واختيار شريك الحياة والعديد من الرغبات والاهتمامات، وهي بالمختصر كما يعرّفها البعض: التصرف بملء الإرادة والاختيار دون تدخل من أي طرف آخر.
تعد الحرية الشخصية من المبادىء الأساسية التي يجب أن تتوفر في أي مجتمع بشري وإعطائها الأولوية والدفاع عنها ليكون مجتمعاً مستقيماً ويتطور بشكل طبيعي، ولكن تقوم بعض الأيدولجيات على ترسيح فكرة أنّ الحرية الشخصية تعني السيادة والسيطرة على كل شيء والتمسك بالرأي الواحد وهذا ليس بالرأي الصائب فالحرية الشخصية لها العديد من الضوابط والحدود.
مستويات الحرية الشخصيةللحرية الشخصية حدودٌ لا بد من أن يلتزم بها الشخص، فهي ليست حرية مطلقة وإنّما مقيدة بحرية الآخرين، فهي تنتهي عند حدود الآخرين، فلا تعني الحرية الشخصية أنْ يتصرف الشخص كما يحلو له دون أن يراعي الحقوق والواجبات المناطة به، ويجب أن لا يرضى لغيره ما لا يرضاه لنفسه، ولا بد من أن يلتزم بمصالح المجتمع والدولة ولا يحاول المساس بها تحت مسمى الحرية الشخصية، فهي تخضع لقوانين الدولة وأنظمتها، ويجب أن يحترم آراء الآخرين وقراراتهم التي لا تتعارض مع حريته.
إنّ الحرية الشخصية تجعل الشخص مسؤولاً عن قراراته التي يتخذها أمام المجتمع والناس، وقد اهتمت الشريعة الإسلامية بتحديد مفهوم الحرية الشخصية وحدودها حتى تحفظ المجتمع الإسلامي قيمه ومبادئه، فلا يجب أن تتعارض هذه الحرية مع الدين والأخلاق والعادات والتقاليد، فمن الأخطاء التي يقع بها البعض وخاصة الشباب والمراهقين محاولة تقليد الغرب في نمط حياتهم ولبسهم تحت مظلة الحرية الشخصية، وهذا لا يناسب البيئة العربية المحافظة والمجتمع الإسلامي الملتزم فهنا تنتهي حرية الشخص لأنّها بدأت تنشر السلوكيات الخاطئة التي تمس أمن المحتمع واستقراره وسلامته.
المقالات المتعلقة بضوابط الحرية الشخصية